السبت، ٧ أبريل ٢٠١٢

قصة بقلم الاخ الشاعر محمد حير الوادي رضوان ____

قصة بقلم الاخ الشاعر محمد حير الوادي
رضوان ____

ِلم يكن عقله يملك اتزان اؤلئك الحمقى الذين يمرون من أمامه كل يوم ،
ومثل غيره ممن يعانون من تخلف عقلي ماكان يحب أن يظهر بمنظر لائق ،
مع أن أهله يحرصون دوما ً على ترتيب ملابسه وشكله ليبدوا معقولاً أمام الناس
ولألا يعاتبهم أحد على قلة اهتمامهم بهذا المسكين الذي لم يكن يضيره أن يلعب
مع الأطفال الذين يدنونه سنا ً، وقد يكون الفارق العمري شاسعا ً بينهم إلا أن ذلك لم يثنيه
لحظة على اللهو واللعب معهم،
هكذا كان يمضي أغلب أيامه مع بعض المساعدات للناس في أعمال لا تحتاج منه تفكيراً
فقد كانت شهامته تظهر للعيان ..مسالم وادع طالما لم يتعرض لأي عنف يثيره ،
وكانت تصرفاته هذه واسلويه يثير تساؤل الكثيرين / هل يا تُرى هو يدرك ما يجري حوله /
فكانت الإجابة بالتأكيد أن درجة فهمه لن تستطيع حتما ً تجاوز القدرات التي خُلق بها ويظهر
ذلك من أفعاله وأقواله التي يرفض فيها أي شيئ قد يُخضعه لموازين العقلاء ،
لم يكن يدرك أن ما يجري في بلده هو ثورة على الظلم والطغيان وجاء ذلك اليوم الذي
دخل الغزاة قريته ليقمعوا تظاهرات المطالبين بالحرية والكرامه ،وأخذوا يضربون الناس
ويطلقون الرصاص القاتل بشكل عشوائي ..وسقط البعض أمامه ورأى الموت بأم عينه ولكنه
لم يفهم بعد ماذا يجري ..ولكنه كان يفر دوما ً مع الفارين من وجه الموت ويختبئ مثل غيره ،
ليرقب من بعيد ما يحدث ولكنه كان يكره العنف ولون الدماء فذلك مما تبقى من فطرته السليمه ،
لقد كان بعض الشباب الثائرين يحاولون نقل بعض الحجارة التي صفت فوق بعضها البعض على شكل
حاجز يحد منزل أهله الذي يعيش فيه ،ليقيموا بها ما يمنع حركة رجال الأمن و/ الشبيحه / ممن جندهم
النظام الجائر لقتل الناس وإخماد أصواتهم التي تصدح ب قول /الله أكبر /..ولكنه كان يمنعهم لظنه أن
هذه خصوصيه لا يجب التعدي عليها ..فقد كا ن رغم بساطته يحب بيته وأهله ويحتفظ بداخله بشيئ
مميز لهذا المكان ،ولم يكن يمتنع عن مشاركتهم أفعاله حين يكون مصدر الحجارة من مكان آخر قريب
وكان يقوم بهذا العمل بنشاط غريب ظنا ً منه أن هؤلاء الفتيان يلعبون وهو يشاركهم ألعابهم ليرجع
في آخر اليوم متعبا ً، يأكل وينام ويحلم بما يحلم به غيره /الحريه / أما أهله فكانوا يخافون عليه
أكثر من خوفهم على اخوته الآخرين لأنه مسكين لا يُدرك شيئا ً ..وتمر الأيام ويقوم بنفس الأعمال كل
يوم من الصباح حتى المساء ويكرر هتافات الثوار عن الحريه دون فهم معانها يرددها وكأنه في فرح عارم
....وفي يوم لم تغب له شمس ، كان الكون كله ساكنا ً وكأنه ينتظر حدوث أمر عظيم .
في بغتة منه حين كان يقوم بأعمال نقل الحجارة ووضعها في طريق الآليات التي يستخدمها الأمن والجيش
فر جميع الشباب الثوار ولم يكن هو منتبها ً فوقع بأيدي رجال الأمن ،فانهالوا عليه ضربا ً بأخامص البنادق
وركلاً بأرجلهم في أي مكان من جسمه /ولوسامة شكله ظنوه من قيادات الثائرين /..يضربونه وهو يضحك مستهزءا ً
من صلفهم وغرورهم وجبروتهم ../ذلك الثائر المسكين/ ...وهم يزدادون منه حنقا ً وتكاثروا عليه وأوسعوه ضرباً إلى
أن أخذ الدم يخرج من أنفه وأذنيه فصعدت تلك الروح الطاهرة لخالقها ،
استشهد رضوان وهو يبتسم للموت ولم يكن يعلم لماذا كان أؤلئك الحمقى يضربونه ...
وتهللت السماء بروح طيبة جديده ترجع بخير وسلام .../وإنا لله وإنا إليه راجعون/
لقد ارتاح رضوان من هموم الدنيا ومن اؤلئك الذين يظنون بأنهم عقلاء ...
وبقي السؤال في ذمتي هل حقا كان رضوان يُدرك ما تعنيه ثوره .ويبقى الجواب في ذمة القارئ......
________________________
بقلمي : محمد خير الوادي
الواقع في / 3
/4/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق