الأربعاء، ١٤ سبتمبر ٢٠١١

سلي الموت __ أبو محسن العيسى

سلي الموت


سلوا الناس عني .....
ستدركون من أنا ..
أنا من في عليائه هوى ..
في عشق غيداء جميلة ..
تملك عيون المهى ..
تسابقني بالعشق ..
ودائما ما نصل معا ..
العشق فعلا تجيده ..

سلوا المحبين عني .....
ستدركون معنى الحب ..
وغرق في بحره العظيم ..
على شواطئ الخمر ..
بلا حرام نسكر ..
بالحلال نشرب في نعيم ..

سلوا التاريخ عني .....
ومن سبق من محبين ..
صرعى له سقطوا ..
ونالوا من الحظ القليل ..
ومن دفات القلب العليل..
حبهم بالطعم حريف ..
أضج في قلبهم من الحرارة ..
وما خانهم التعبير ..
ذاقوا المر الكثير ..
سلوا من تعملق منهم .....

وللشعر جزأ منه الكتب ..
حينها ستعلمون ..
وتدركون ..
كم تغنو للممات ..
وطاولوا السحاب يفرقون الحجب ..

فقيس الكناني ذاك صاحب لبنى
في الموت أشعر فقال:
"لقد عنيتني يا حب لبنى
فقع إما بموت أو حياة
فإن الموت أيسر من حياة
منغصة لها طعم الشتات
وقال الآمرون تعز عنها
فقلت ولا إذا حانت وفاتي"

وقيس الملوح من جن جنونه بليلى
في الموت تفنن وأشعر :
"فياليت إذ حان وقت حمامها
احكم في عمري لقاسمتها عمري
فحل بنا الفراق في ساعه معا
فمت ولا تدري وماتت ولا ادري"

وجميل العذري بإبنة جلده بثينة
قالها للملأ متحديا :
"طفلو أن الغادون بثينة كلهم
غياري وكل حارب مزمع قتلي
لحاولتها إما نهاراً مجاهراً
وإما سرى ليلٍ ولو قطعت رجلي"

وعنترة بن شداد الصنديد
بقلبه الأبيض من حبه لعبلة
قائلا يناجي :
"فيا رَبُّ لا تجْعلْ حَياتي مَذَمَّة
ولا مَوْتتي بين النِّساءِ النَّوائِحِ
ولكن قَتيلاً يَدْرُجُ الطَّير حوْلَهُ
وتشربُ غربانُ الفلا من جوانحي"

وعمر إبن ربيعة ذاك الفتى اللعوب
لإحدى محبوباته "نعَم"
نعى نفسه قبل الممات:
"قتلتُ ، إلاّ أنني بينما
أطلبُ من قصرهم ، إذ رمى
أخطأ سهماه ، ولكنّما
أراد قتلي بهما سلّما"

وعباس أبن الأحنف
في حبه الأول "فوز"
أنشد للموت :
"إِن كـانَ يُـرضيكُم عَذابي وَأَن
أَمـــوتَ بِـالـحَـسرَةِ وَالــكَـربِ
فَـالـسَمعُ وَالـطاعةُ مِـنّي لَـكُم
حَسبي بِما تَرضَونَ لي حَسبي"

وفي حبه الثاني "ظلوم"
لنفسه ينعي :
أَظَلومُ حانَ إِلى القُبورِ ذَهابي
وَبَليتُ قَبلَ المَوتِ في أَثوابي
فَعَلَيكِ يا سَكَني السَلامُ فَإِنَّني
عَمّا قَليلٍ فاعلَمِنَّ حِسابي"

هكذا هم مضوا ..
وكلانا على أثرهم ماضيان ..
أفلا تذكرين ؟
عهدا يوما قطعناه ..
فسلي الموت .....

عندما نمنا على هودج ..
هناك عند الغسق ..
في ما كنا متقابلين ..
على أرجوحة الماضي ..
وعبق من التاريخ ..
تعاهدنا معا ..
بأن نجتمع كل حين ..
وأن لا نفترق ..
إلا إذا حانت الساعة ..
وأذف الوقت العسير ..
فإما أودعك أو تودعين ..
والآخر تالي ..
بعد وقت قصير .....

أبو محسن العيسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق