الثلاثاء، ١٤ يونيو ٢٠١١

و اكفهر وجه القمر بقلم الشريف سوسن سوزان

و اكفهر وجه القمر

اخذت تدور في مكانها لا تلوي على شيئ، الم يمزق روجها ،حاولت ترجمته فاستعصى بدأ الالم يزداد جنونا و جنوحا ، برتسم شبح امام ناظريها بلا صفات او ملامح فتحت النوافذ  اخافها هذا الامتداد في الفراغ، شعرت كما لو أن يدا تريد ان تدفعها في الفراغ ،فزاد القلق  تشتت افكارها، ما عادت تدري هذا الاحساس الصاعد الى روحها ،كما لو كان يقبض على انفاسها ،هرولت في كل مكان، ارادت الخروج من الغرفة فعادت ادراجها ، كما لو كان الخطر ينتظرها خارجها،  ارتعدت كل فرائصها و في محاولة ساذجة سعت لوقف يداها و رجلاها عن الاضطراب المخيف و المؤلم ،تصاعدت و تيرة انفاسها و تمكن منها الخوف و ارداها اسيرة ، نادت و نادت ما سمع نداءاتها احد، ، خرجت من غرفتها تقع تارة و تقف اخرى ،نظر اليها زوجها و اولادها في ذهول ،كان منظرها مخيفا عيناها جاحظتان و جسمها يرتعش دون سبب واضح ،صرخت مجددا لنجدتها و تكلمت و ما احد اجاب لم تفهم ، دثروها بالاغطية ثم نقلوها للمستشفى، تشيثت بزوجها و رفضت ان يغادر المستشفى ،خوف و قلق رهيب استبد بها ،اعطيت مهدئا و نامت ، ربما نامت لا تدري فالليل اتصل بالنهار  ،فقدت كل ادراك بعالمها الخارجي  ، في الصباح ،دخل الطبيب اليها باسما  و ربت على كتفها في محاولة لبعث الاطمئنان اليها، لكن عيناها كانت تحمل علامات الدهشة و الخوف  و التوتر سالها بصوت منخفض
هل عرفت ما اصابك امس؟؟؟
لا، لا ادري، كنت وحدي  هنا و لست هنا كما لو انني بعالم ثاني، احسست انني افتقدت  نفسي في المكان و الزمان و ما عدت اعي ما يدور من حولي و ما ضاعف احساسي بالوحدة انني كنت اخاطبهم لكنهم رفضوا ان يجيبوني ،فاحسست بالضياع،  يكبر بي المكان و يضيق و نبضي يزداد لحد الاحساس بالغثيان لماذا؟؟ لم يكن احد يجيب كنت مذعورة و اردت الاحتماء بهم الخوف اكل كل تلافيف عقلي احسست انني اطفو  ما بين السماء و الارض، فقدت السيطرة على كل مدارك ،ثم ماذا افعل هنا ؟؟كنت بالبيت قبل قليل
يبتسم الطبيب محاولا ان يخفف من توترها ليردف
ارى انك تدركين كل ما حدث و هذا شيئ يطمئن ، كنت امس بالبيت
 سيدتي كنت تحاولين الكلام لكن لم يكن يخرج منك اي صوت او حرف لقد كنت في حالة عصبية حرجة و بكل بساطة بعيدا عن الكلام الاكلينيكي ،لقد اصبت بازمة نفسية حادة حالة توتر و خوف و قلق شديد نتيجة ضغوطات نفسية في محيط البيت و العمل و الحياة عموما  تدرين سيدتي ثمة افراد اكثر حساسية و تاثرا بمحيطهم اكثر من غيرهم و ازمة امس ، يبدو بلغى فيها السيل الزبى ،نتيجة
مشاحنة بينك و بين زوجك، حسب ما فهمت ، عادة تردين و تثورين و ينتهي الامر عند هذا الحد ،لكن حسب مافهمت امس كظمتي غضبك و يأسك و الحزن غلب على كل مداركك ثم ذهبت للنوم مقهورة  و صحوت بعد ساعتين في حالة يرثى لها  ، و هذا ما نسميه انهيار عصبي نتيجة ترسب امور و مواقف كثيرة في الحياة ،لما البكاء  ؟؟ لا تشعري بالذنب ابكي، اجيانا يريح البكاء  و هذا دفتر و قلم سجلي ما تريدين  و عندما تشعرين انك مستعدة بعد مدة تقرأ ما كتبتيه
هل يمكن ان اغادر لمنزلي الان انا بخير؟؟
لا سيدتي، ستبقين معنا مدة  الى ان يخف هذا التوتر، كما انك بحاجة لاتباع جلسات فردية و جماعية سترين في البداية ربما تترددين باخذ الكلمة ،لكن مع الوقت سوف تسعين للحديث عما اصابك للاخرين،  ستشعرين بالراحة  معهم ، هناك نشاطات  اعمال يدوية ايضا  و رسم  و رياضة
هل يسيطول مكوثي هنا ؟؟
 ما يلزم من وقت للاطمئنان عليك ، لا تفكري في الوقت الان ، هل ترغبين برؤية احد ؟؟؟
لا ، لا اريد ان يروني بهذه الحالة
حسنا، حين تشعرين انك مستعدة ستطلبينهم بنفسك ، اتركك  و سأعود لاحقا ،  ستمر عليك الممرضة حالا ،لا تنسي تدوين  كل ما يخطر  على بالك    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق