الخميس، ٩ يونيو ٢٠١١

طائر الفينيق _ فادي قباني

طــائر الفينيق


لكل زمنٍ دنانير
وللدنانير آلهة
تعبد نفسها
وأمَمُ الجهْلِ تعبدها..
والعبيد
قلّت بينهم الأحرارا
*
وتَفَرْعَنَ الظّلْم
وإشتعلت الآلهة نارا
قبائل ترمي نساءها قرابين
وقبائل نساءٌها تهوى المتفرعنين
و نساءٌ تنتظر احتضارا
*
واشْتدّت الآلهة غضبا
تشترط العشّاق مذاقا
علّها تكتفي
و تُذِلّ منهم الأبرارا
وعلَّها تُخْمِدُ
من غِلِّها اسْتِعارا
*
وأضحتِ الأحبّةُ
في رحيلٍ
كلٌّ في طريق..
يُنْكِرُ إحداهُما الآخرا
وبَقيَ في المدينة
بلْ في التّاريخِ اثْنين
ذكرٌ وأُنثى
من زمن نوحٍ
عاشقين..
متّحديْنِ بالرّوح..
فينيقيّيْن.. متمرِّديْنِ..
وسع المدى انْتشارا
أُمراء في الحبِّ
فكّوا الرُّموز
خطّوا العِشق
علّموا الكوْن الأحرفا
أحرقوا كلَّ السُّفن
كلَّ شرائع الجَّهْل..تحدّيا
متمسِّكين.. لا استسلام
ولا انسحابا..
*
وكان الحُكْم..
وقضى القضاة
وهلل القوم.. بالحبيبةِ ،
للنّار مرادا
فهبَّ العاشِق
كالبرْكانِ..
شاهراً سيفهُ
مدافعاً عن حبِّهِ
مارداً بوجه الطُغيانِ
واعداً عشقهُ الفداءا
هبَّ كالإعصارِ..
كالطّوفانِ معلناً
على الآلهة حرْبا
وعلى النار نارا..
ومضى..
مضى كالشُّهُبِ..
يخْطِفُ الأنظارا
وارْتمى..
بفَمِ النَّارِ مسْتبْسِلا
يُصارِعُ..
يصولُ ويجولُ
يُقَطِّعُ أوْصال الحِقْدِ
يُغْمِدُ السّيْف في الكَبِدِ
على أعمدة المعبدِ
يُسَطِّرُ في الحُبِّ..
مَلاحِمَ الشّعرِ
يكُمُّ فوهةَ الغضبِ
يُخْمِدُ بجَسَدِهِ الّلهَبِ
حتى اختنقت آلهة الشّرِّ
وأضْحتِ النّيران رمادا
وخرج الفارس
أو ما.. تبقّى منه
ليس إلّا
فؤادٌ مشتعلُ..
بالنّارِ.. جسدٌ مُضمَّرُ
بهيئةِ الطيرِ.. يَرْقُصُ
رقْصَةَ الموتِ.. يحْتَضِرُ
وأتتهُ القبائل،
من بعيد رجالها
بالبطل الهُمامِ.. تُمَجِّدُ
والنساءُ للأميرِ.. تُزَغْرِدُ
زفوا الأميرة للأميرْ،
أقاموا العرس
بالزبرجدِ، والحريرْ
زيَّنوا الفرس
وعَلا صوْتُ النَّفيرْ
والطبول.. تُقْرَعُ وترْعِدُ
وهَّل الموكبُ الى الأميرْ
وإذ بالمقداد
طائرٌ يحترقُ
يختصر الجموع
الى الحبيبةِ.. عيْنٌ تسْتَبِقُ
وعينٌ..على حاله
بالدمْع.. تُغْدِقُ
ومن سكرات الموت
أنفاسه، عطرها، تسترِقُ
وصوت الألم.. اسمها ينطِقُ
ودنت الأميرة..تبحثُ
تبكي عشقها.. وحالها تنْتَحَبُ
تناديه..حبيبي..
ما لي.. لا أراك؟؟..
وحِسُّكَ منّي يقترب
كأنك الطير أمامي..
أيها الفادي.. تلْتَهبُ
فانتفض الطائر كالصّقْرِ
مترَفِّعٍاً عن الألم
يَبْسطُ جناحيهِ كالحُصْرِ
يناديها.. مولاتي
ما لكِ بي من سُقَمِ !!..
ها أنا بالوعدِ.. قد أوفَيْتُ
وعدتُ إليكِ.. أميرتي بالنصْرِ
فلا تحزني وافرحي
فأني لأجلكِ أنكرتُ نفسي
والعشق كان..
ولمْ يَزَلْ قـدري
*
فوقف القَوم.. وقفة ارْتيابـا
لمن يهلِّلون
ومن يمجدون
والفارس مُجَرَّدٌ..
بلا حِرابا
يأتونه باللوم
ولكلٍّ موْعظةٍ
ويخافون التهابه..
إذْ دنا اقترابـا
يأنسونه وبالأيدي يدللون
إذْ أضاء الليل..
وكلل بالنّار، السحابا
*
ومرت الأيام
وأتته الحبيبة تستأذنُ
وتعده أنها،عليه،
ستبقى وفيّةً وتَحْزَنُ
فقد أتى المدينة
رجلاً ليس كالرجال
وملكاً جديداً..ليس كالملوكِ
ولكنْ.. إسمه فرعونُ
ملؤهُ الدنانيُر
وله القوم..عبيداً، تسْتَكِنُ
يُريدُني أَمَةً لهُ،
وأمَّتي لجاههِ.. ترْتَكِنُ
فأنا أنسيةٌ..وأنتَ طائرُ
بين الحياةِ والموتِ.. مرْتَهَنُ
فاعْذُرْني
هكذا أراد، بيننا، القدرُ
فأنا منهُ..سأقْتَرِنُ
فأجابها الأميرُ الطائرُ
وهو في الحُبِّ بلا منازعٍ
بما ضحَّى..يفتخِرُ..
لكِ سيِّدتي ما أردت..
وقُضيَ.. عِنْدَيَ الأمرُ !..
سأكون دوماً على عهدي
والحافظُ إليك.. والناظِرُ..
وكلما رأيتني
في سمائكِ مشْتعِلاً..
قِفي..
وَمَتِّعِي بيَ البَصَر
فأنا من أسْمَيْتهِ الفادي..
وفي العشْقِ المنتصِر
أنا هو
طائر الفينيق
ومن لظى النارِ..
نظَمتُ لكِ الشعر
ووهبتك
للأبد حُبي
...ومن دمي
نثرت لك النثر


طائر الفينيق
فادي قباني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق